“تراودني فكرة أنّني إذا توقفت… ستخلو الحياة من المعنى” استوقفني هذا الاقتباس وكأنّه يخاطبني. هل أفكّر بالحياة أكثر من عيشها؟ ترك كتاب “حيوات” للكاتب والروائي البارازيلي، باولو كويلو، أثراً في قلبي ليجعل أجمل قصصه الأكثر تذكراً في عقلي. حيث طرح أسئلة حياتية جوهريةً كهذه وغيرها بالكثير: هل الحياة سبباً للسّعادة؟ هل نستمتعُ بجمالها بقدر ما نحزن لآلامها؟ هل ينجو العالم من دون أصحاب القلوب البيضاء؟

حمل كتاب “حيوات” بمجمله قصصاً قصيرة فلسفية عن موضوعات كثيرة ومنها الحياة والأصدقاء والحب والحرية والإنسان. وأكثر قصّة قريبة من قلبي كانت قصّة نورما امرأة مميزة تحبّ تدوين كلّ ما هو جميل بالحياة فهي ترى أنّ الحياة بحد ذاتها سبب للسعادة. وآخر ما شعرت ببهجة اتجاهه كان بخصوص علاج جديد اُكتشف لشلل الأطفال.

كانت هذه القراءة الثانية للكاتب باولو كويلو بعد رائعته الأدبية الخيميائي. ورغم الترجمة السيئة والأخطاء الإملائية من المترجم، منحت الرسائل الإنسانية المبطنة لكويلو بُعداً خلّاقاً. أؤمن دوماً بأنّ قصصاً كهذه هي التي تنجح بلمس جوهر روح الإنسان عبر تأجيج مشاعر إنسانية مُشتركة اتجاه الحب وماهية الحياة من جمالها وصعوباتها وأسئلتها الوجودية وخلق أمل بأنّ أصحاب القلوب البيضاء ما زالت حية وسط عالم يحتاج إلى إعادة تعمير.

ولعلّ هذا ما أراد كويلو إيصاله. كقصّة شخص بحث مراراً عن مياه من أجل حصانه وكلبه، ليدرك أنّه كسب أصدقاء مدى الحياة لأنه أصر البقاء إلى جانبهم ومساعدتهم. وقصّة الطفل الذي استغرب والده من موهبته المبكرة في الخرائط والجغرافيا، ولكنّ الطّفل ببراءته كان فقط قد انشغل بصورة أخرى لإنسان، وعندما أعاد “بناء الإنسان كان قد بنى العالم أيضاً”.

لعلّ الإنسان المصدر الأساسي لعالم معتمر. فهل من المعقول أنّنا نعيش وسط ظُلم ودمار إنسانيّ حاد بات الاهتمام به مدفوناً تحت التراب، وثمّ ندّعي الحضارة والتطور؟