كان يوماً بارداً، والغيمُ رماديةٌ حزينة. تصّبُ المطرَ في لحظةٍ من غزوةٍ عنيفة أغرقتْ الحي بأشجاره. لكنّ حُلوَتي كانت سعيدة. فزهور عينيها ازدادتا ازدهاراً وجمالاً تحتَ شمسٍ تُشرقُ في داخلهما، كلما ضحِكَتْ للحياة.
ففي داخلها يمكثُ الربيع. ربيعٌ يَظهرُ وسطَ الأمطارِ ويضيءُ نورَ الأملِ في لحظةٍ من الاكتئاب الشديد. تحدّقُ في السّماءِ وهي تحومُ كالسنونوةِ مستمتعةً بالأجواءِ والمطرُ يكادُ يغرقها، ولكنّها تكملُ، ولا تتوقفُ عن التحليق، لترشَ عطرَ البهجةِ في كلِّ خطوةٍ تعبرها.
سنونوة تزغردُ متلعثمةً بالكلماتِ وهي تحاولُ التعبير عن ما بدا لها بجمالٍ استثنائي. جمالٌ تحتلُ قطراتهُ جسدها الصغير في لحظةٍ ما بين تعابير الدهشةِ والحبورِ والانتعاشِ التي ترتسمُ على وجهها.
وفي داخلها قنبلةٌ من الألوان تزيّنُ كافة الحي. تنمو بهجتها وسطَ الأمطار كوردةٍ لقتَ طريقها خارج التراب، لتكونَ ورقة شجر صغيرة لامعة تتراقصُ مع القطرات.
سنونوةٌ صغيرةٌ تحلّقُ في طريقها لتقبع في قلبي، لعلّها واحدةٌ تكفي لإعلانِ الربيعِ ليس فقط أمامي، بل في داخلي. كما أعلنتهُ قبل عامٍ ونصف العامِ تقريباً. أعلنتْ الربيع في لحظةٍ من تراكم الغيومِ، لتزيّن حياتنا بشمسِ التفاؤلِ والحبِّ.
والآن تدخلُ معي إلى عامٍ جديدٍ غمرهُ المطرُ بشدةٍ، ولكنّها دوماً لامعة، لامعةٌ في أعينِ وقلبِ خالتها، تزيّن الدنيا بروحها المتألقة.
أنظر أيضاً: إنّي هنا اليوم
Leave a Reply