أهداني نسخةً موقّعةً من رواية “ضِحكت تاني”، دكتوري العزيز، الدكتور موسى برهومة، في حفل توقيعه في معرض الشارقة الدولي للكتاب. ووجدتُ نفسي غارقةً في صفحاته الأولى حتّى قبل العودة إلى المنزل. أخذتني الصفحات في رحلةٍ كانت مرصّعة بالأمل، والشغف، والحياة، رغم مرارتها، نظراً إلى معاناة بطل الرواية، وائل عبد الكريم، من جلطة قلبية حادّة ومتقدّمة جعلته يقتربُ من الموت، إلّا أنّه لم يستسلم.

كانت قراءةً عميقةً، بعد أشهر من الانقطاع عن قراءة الكتب، أشعلت روحي بالمسرّة، تارةً أعشقُ اللغةَ المعبّرة في السرد، وخاصةً عند التعبير عن مشاعر وائل، وتارةً أخرى تجعلني الكلمات أتمسّك بالأمل عند التعمّق بأسمى معاني الحياة التي تصفها؛ كالتمسّك بالأحبة، ومواصلة المسيرة دون توقف، والاقتراب من الحياة “في نصف كوبها المليء بالتفاؤل، لا النصف الذي يجأر في أروقته الفراغ والنكد”، كما عبّر الكاتب، في أحبّ مقتبساته إليّ.

تتمحوّر الرواية كعنصرٍ أساسي حول أفكار وجودية كالحياة والموت، حيث تُظهر معالجات فلسفية لمبدأ الموت، من خلال ربط تجربة ذاتية بأسئلةٍ فلسفية. وفي حين أنَّ المعالجة فتحت أفاقاً واسعة وثرية، لاحظتُ نظرةً تشاؤمية حادّة موجهة نحو فكرة الموت، ورغم إدراكي أنّ الكاتب كان قد توّجه لسرد تجربة ذاتية وبتالي رأيه الشخصي، إلّا أنّه فتح المجال لمعالجات فلسفية متعددة، وبتالي شعرتُ بأنّ النظرة التشاؤمية لوحدها جعلت المعالجات ناقصة، نظراً إلى تواجد معتقدات تقول إنّ الموت هو المسار إلى حياةٍ أخرى أفضل بكثير.

وفي حين أن الرواية عن شخصية خيالية، إلّا أنّها تشبه الكاتب من وجوه عدّة، تعبّر بشفافيةٍ عالية عن تجربته وفلسفته في الحياة، لدرجة عيشي مع التفاصيل. فلامس قلبي ليس فقط بكلماته الجميلة، بل في تعلّقي لهذه الكلمات، لعلّ أعظم ما أعشقه في كتاب هو عندما تكون كلماتهِ مرآةً لروحي.