قال الفنان السوري، مجد كرديه، إنّ “التجارب مثل النار تساعد على نُضج الفنان”. ويعتقد أنّ الفنان “لا يشعر بالتجارب الصعبة الذي يواجها لأن تفكيره “يخرج من العالم. حيث يفكر بأشياء مختلفة مثل الفن والإبداع.
وأضاف: “هذه الصعوبات تساعد الفنان بحصوله على تجربة أكبر ويصبح إحساسه مرهف أكثر “. وأكد أنه “محظوظ لأن الفن يواسيه عند مواجهته للصعوبات، وقال في هذا الإطار: “لا يُظلم أحد مع الفن”.
وجاء حديث مجد كرديه في سياق حوار عُقد عن بعد من قِبل إحدى طالبات الصحافة في الجامعة الأمريكية في دبي الإثنين الماضي. حيث شدد فيه أنّ لا يجب على الفنان “ملاحقة الأشياء الدنياوية”. فإذا لم يركز على الأشياء الدنياوية، ستصبح المصاعب بالنسبة له على أنها “مزحة بايخة”.
تميز الفنان بقوته في التعامل مع الصعوبات، فيعبر عن سخريته للمصاعب والأحزان في لوحاته الفنية. حينما رسم كرديه لوحة عن إحدى شخصياته التي تدعى بـ”الفصعون”، رسمها وهي تصطاد السمك في الهواء. وتعجب الحمار الوحشي في لوحته قائلاً: “كيف ترمي خيطك في الهواء؟”، وأجابه “الفصعون”: “أصبر…سيمر نهر من هنا”.
شدد كرديه أنّ اللوحة ليست “إيجابية بقدر ما هي تُعبر عن حزن داخلي”. وأكد أنه يجب علينا تأمل اللوحة بعمق لكي نفهما. يؤكد كرديه أنه “لا يوجد سبب للعيش في سلبية”. وأردف في هذا الصياغ أنّ يجب “مواجهة الصعوبات بالسخرية والابتسامة”. ولا يجب علينا “العيش في حالة يأس وضعف، بل يجب أنّ نكون أقوياء”.
وأوضح في الوقت ذاته أنّ “الضعف ليس عيباً”. حيث قام برسم لوحة أخرى بعنوان “أحزان البيوت البعيدة”، ورسم الحوت الذي يمثل الأحزان في لوحاته، وكان الحوت يرتدي ملابس أنيقة بمعنى أنّ الحوت “حزين ولكنه أنيق”.


كيف وخيطك في هواءٍ!
اصبر… سيمر نهرٌ من هنا.”
مجد كرديه 19
“أعبّر عن البيت الشعري بأسلوبي الخاص وليس بالمعنى الحرفي” – مجد كرديه
تتميز لوحات الفنان بتجسيدها السريالي للأبيات الشعرية الشهيرة، فتَوضح أنه ينجذب للأبيات الشعرية “الرقيقة والجميلة، والرشيقة، والمكثفة، والمختزلة، والبليغة”.
على رغم من أنه ينجذب للشعر ويقوم بتجسيده في لوحاته، إلا أنه لا يعتبر نفسه شاعر. فيوضح كرديه في هذا الإطار: “لا أعتبر نفسي شاعراً فأنا أكتب النثر لأنني أحب الكتابة النثرية كثيراً، ولكن عندما أرسم بهدف التعبير عن كلمات أحد غيري، أُفضل أن تكون كلمات شعر”.
يحب كرديه التعبير عن الأبيات الشعرية من خلال لوحاته بأسلوبه الخاص، فيقول في هذا الصياغ: “هنالك قصائد أحفظها منذ سنوات طويلة ولكن لم أستطع تجسيدها بصور إلا منذ فترة قصيرة فالموضوع صعب جداً بالنسبة لي.”
وأضاف: “تجسيد الشعر بصور ليس شرح للبيت ولا صورة توضيحية له، ولكنه إعادة تقديم رؤية جديدة له”. عندما عبّر في لوحته عن بيت شعر للمتنبي وهو “لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنّ مِنكِ أَواهِلُ”، لم يرسم اللوحة في هيئة بيت يسكن فيه الناس، ولكن رسمها كهيئة طائر في السماء. اعتبر كرديه حينها أنّ “الطيور هي السكان والسماء هي منازلهم.” ويؤكد في هذا الإطار أنه عَبّر عن البيت الشعري “بأسلوبه الخاص وليس بالمعنى الحرفي”.

“أنا لا أبحث عن الشهرة، ولا أريد أن ألوث حياتي بغير الألوان” – مجد كرديه
قام الفنان بأول معرض له في اللاذقية التي تقع في سورية في 2009، حيث قام بعرض حوالي 15 لوحة في مقهى ناي آرت كافيه.
وقام بأول معرض لشخصيات “العصابة” في فان ا بورتر ((Fann A Porter في دبي، تحديداً في ذا وركشوب ((The Workshop.
ومن ضمن المعارض الأخرى التي عرض فيها الفنان لوحاته هي معارض بي بي ا (BBA) في برلين، فنون وثقافة المنارة في الأردن، سرقة الأحزان في القاهرة، أثار الفراشة في حلب، وفن البحرين في منامة. ولكن ظروف جائحة كورونا دفعت المعارض للقيام بعرض وبيع لوحاته على الإنترنت.
على رغم من أنّ الفنان قام بمعارض كثيرة خلال مهنته الفنية، إلا أنه لا يسعى إلى الشهرة. ويقول كرديه: “أنا لا أبحث عن الشهرة، ولا أريد أن ألوث حياتي بغير الألوان”. ويوضح في هذا الإطار أنّ “السعي وراء الشهرة في الفن هو مثل السعي وراء قطيعة. والسعي وراء قطيعة هو اللعب بمشاعر هذا القطيع مثل مشاعره الوطنية. ولا توجد علاقة بين الفن واللعب بالمشاعر. الشهرة تأتي فيما بعد، ولا تأتي بعد سعي الفنان إليها.”

“دائماً الفنان أو العالم أو المفكر يتعاطى بشأن المعرفة ويقف على أكتاف عظماء سبقوه، فلا أحد يستطيع اِبتكار أي شيء من العدم” – مجد كرديه
يتميز كرديه برسوماته التي تحمل معنى عميق على رغم من بساطتها، والتي تتكون من شخصيات كرتونية قام بتخيلها وهي عصابة الفراشة والوحش والحمار والفيل والحوت بالإضافة إلى “الفصاعين”.
وبسؤاله في هذا الإطار حول الأناس الذين ألهموه على الرسم، قال إنّ “جميع الفنانون ملهمين بالنسبة لي، ولا سيما الطبيعة التي اعتبرها من أكبر الملهمين”. ويؤكد كرديه في هذا الصياغ أنّ “لا أحد يستطيع ابتكار أي شيء من العدم”، وأردف أنّ “دائماً الفنان أو العالم أو المفكر يقف على أكتاف عظماء سبقوه”.
ولد مجد كرديه في سورية في 1985، ويعيش الآن في لبنان. وبدأ مسيرته الفنية في عمر الرابعة عشر، حيث بدأ دراسة الغرافيك والطباعة المعدنية.
2 Pingbacks